Search

بعض العقبات التى تقابل المشتاق للرهبنة

 

بعض العقبات التى تقابل المشتاق للرهبنة

 

 

قد يحس الإنسان أن الرهبنة هى دعوته , وإنها أفضل حياة تناسب ميوله واستعداداته , ولكن تقابله بعض العقبات والخاوف التى تقلقه وتحيره وتحدث عنده انقساما وبلبة فى الأفكار ومنها :

 

1-الخوف من المستقبل المجهول :

 

رغم تردد الكثيرين من الشبان فى هذه الأيام على الأديرة وقضاء بغض الأوقات فيها للخلوة وللتعرف على أسرار الحياة الرهبانية , لكن مازالت الرهبنة تعتبر لغزا وحياة مجهولة بالنسبة للكثيرين , بخلاف دعوة التكريس والتبتل أو دعوة الكهنوت . وعلاجا لغموض الحياة الرهبانية أمام الشبان يتحتم عليهم التردد على الأديرة والجلسات الروحية مع آباء رهبان روحيين يكلمونهم عن الرهبنة وفلسفتها , وعمل الراهب ونشاطه اليومى وتدرجه فى الحياة الرهبانية وهكذا .....

 

2-الخوف لئلا يكمل الطريق وتبرد محبته الأولى :

 

أن يفكر الإنسان فى مستقبله الروحى بهذا القلق , يعتبر هذا عدم إيمان فى قدرة الله ونعمته ,يجب على الإنسان الذى يحس بالدعوة أن يلقى نفسه بن يدى الله وهو يستطيع أن يكمل معه الطريق إلى النهاية " غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله " ويد الله لا تقصر أن تحفظ إلى التمام " والرسول يقول :" لأننى عالم بمن آمنت وموقن إنه قادر أن يحفظ وديعتى إلى ذلك اليوم "(2تى 1: 12) .

 

والرب يطمئن النفس التى تخرج فى طلبه من أجل حبه " قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك ذهابك ورائى فى البرية فى أرض غير مزروعة "(أر 2: 2) .

 

3-الخوف من الفراغ :

 

بعض الشبان قليل الدراية بالحياة الرهبانية يعتقدون أن الراهب إنسان لا يعمل شيئا , ويحيا فى فراغ لا نهائى . لذلك هم يخافون من هذاالفراغ المزعوم . قال لى أحد الشبان " إذا ترهبت حباقى أنا فاضى للشيطان والشيطان فاضى لى ونقعد نناكف فى بعض " فقلت له إن الراهب الحقيقى هو أكثر إنسان مشغولفى الحقيقة , فهو له هم داخلى , هو الهم فى الرب يسوع الذى يملأ عليه حياته ويملك على كل كيانه , فلا يدع فى حياته مجالا للفراغ والملل . هذا إلى جانب الأنشطة الروحية والجسدية التى يقوم بها الراهب وتملأ كل وقته .

 

v  عنده صلوات الأجبية , باكر والثالثة والسادسة والتاسعة والغروب والنوم والستار بمزاميرها الكثيرة ونصف الليل بخدماتها الثلاث ومزمورها الكبير , هذه الأجبية عليه أن يكررها كل يوم وحده فى قلايته كقانون خاص على طول الاربعة والعشرون ساعة .

 

v  عنده التسبحة بطريقتها الجميلة وألحانها الرائعة , يصليها كل يوم مع الرهبان فى الكنيسة بعد صلاة نصف الليل , أو يصليها لوحده فى القلاية .

 

v  عنده القداس كل يوم أو بعض أيام الأسبوع , يحضره ويتناول من الأسرار الإلهية لتقوية حياته الروحية .

 

v  لدية قانون المطانيات حسب قوته واتفاقه مع أبيه الروحى , يعلمه كل يوم صباحا استمطارا لمراحم الله .

 

v  لدية القراءة المنظمة فى الكتاب المقدس يوميا كقانون روحى تأملى وروحى , يتغذى عليه ويأخذ منه مادة لصلواته الأرتجالية وهذيذه اليومى .

 

v  لديه " صلاة يسوع " أو أى صلاة قصيرة يحبها , كصلاة دائمة يكررها على طول اليوم على قدر استطاعته .

 

v  لديه سير القديسين الذين سبقوه فى الطريق وأقوالهم , يقرأها وينسخها ويتعزى بها ويتشرب روحهم ويتمثل بهم على قدر قوتهم " انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم "(عب 13 :7)

 

v  لديه عمل اليد الذى يكلفه به الدير , سواء فى المطبخ , سواء فى المخبز , سواء فى الكنيسة , سواء فى المكتبة , لكل راهب عمل ووظيفة فى الدير حيث أن الإنسان لا يستغنى عن العمل كنوع من التدبير الروحى والتنوع فى أسلوب الحياة , هذا بجانب تدبير احتياجاته الخاصة فى القلاية كإعداد طعامه أو غسل ملابسه وغير ذلك .

 

v  يستطيع الراهب أن يخدم أخوته الرهبان حسب مواهبه وقدراته , كعمل محبة وخدمة , بعضهم يخدم المرضى إن وجدوا , بعضهم يسلم ألحان التسبحة أو الألحانالكنيسة الأخرى لأخوتة الرهبان .

 

v  بعض الرهبان يقومون بنسخ المخطوطات وتنقيحها , بعضهم يقوم بتأليف الكتب , بعضهم يقوم بكتابة التأملات الروحية العميقة , بعضهم يقوم بترجمة كتب الآباء , بعضهم تستهويه دراسة اللغة القبطية مثلا , يدرسها ويتعمق فيها .بعض الرهبان يقوم بعمل الصلبان الجلد بأشكالها وأحجامها المختلفة كعمل يد بسيط لا يمنع من تلاوة المزامير والصلاة أثناء العمل وهكذا ......

 

4-الخوف من عدم وجود المرشدين الروحين بالأديرة :

 

فعلا مرت فترة ضعفت فيها الرهبنة فيها الإرشاد الرهبانى , وانقطع التسلسل التسليم الآبائى الأصيل لسر الرهبنة وجوهرها , ولكن نشكر الله بدأت الرهبنة تزدهر من جديد , وظهر فعلا فى الأديرة بعض الآباء الذين ثبتوا فى الرهبنة وفى البرية لمدة لا بأس بها , وبدأت تظهر ثمارهم الروحية وقدرتهم على التعليم والقيادة والتلمذة الروحية الرهبانية نرجو المزيد!

 

5-روابط اللحم والدم :

 

مشكلة المشاكل أمام طالب الرهبنة , هى كيف يواجه اهله باشتياقه , وكيفسيتحمل أهله قسوة فراقه وكيف سيتحمل هو هذا الفراق إذا ذهب إلى الدير .

 

شئ جميل أن يحب الإنسان أهله وأن يبادلوه هم حبا بحب ولكن ليس إلى الدرجة التى تمنعه من حياة التكريس لله , لأنه ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس , وينبغى أن نحب المسيح بدرجة أعلى من محبتنا لأهلنا وأقاربنا , وهو يقول " من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى "

 

(مت 10: 37) .

 

يمنع الآباء والأمهات أولادهم عن الرهبنة بحجة أنهم لايقدرون على فراقهم ,بينما فى أحيان أخرى يسمحون لهم بالهجرة إلى أمريكا وأستراليا وأوربا .

 

إلى تلك البلاد النائية ,حيث لايستطيعون رؤيتهم بعد ذلك إلا نادر حينما يحضرون إلى البلاد فى إجازات قصيرة ,وقد تبتلعهم البلاد الجنبية فيقطعون صلتهم بأهلهم تماما . وكل ذلك بسبب المال والغنى , وهكذا يحتمل الأهل فراق ابنهم حينما يهاجر إلى أمريكا ولايحتملون فراقه حينما يذهب إلى الدير ليقضى حياته فى مرضاة وعمل وصاياه .

 

ظاهرة أخرى نراها , بعض الذين يسافرون إلى بلاد أجنبية للعلم أو العمل , يرجعون أحيانا بعد إكمال مهمتهم ومعهم – زوجات أجنبيات , فتلك الزوجة الأجنبية فى سبيل أن تجد لها زوجا تزهد فى محبة أهلها وتضحى بكل علاقتها ,

 

وتعيش مع زوجها فى وطنه وبين أهله مثل راعوث التى رفضت أن تترك حماتها قائلة لها " حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت أبيت , شعبك شعبى وإلهك إلهى ,حيثما مت أموت وهناك أندفن " (را 1-17,16) .

 

هكذا نرى – ونتأسف – المرأة الأجنبية , الإناء الضعيف , تضحى بأهلها وأقاربها فى سبيل زوحها الأجنبى , تذهب معه إلى وطنه وتعيش مع اهله فى بيئة غريبة تماما وعادات وتقاليد لم تتعودها من قبل . تحتمل كل ذلك فى سبيل زوجها ونحن لانستطيع أن نضحى ولو قليلا من أجل عريس نفوسنا وحبيبها الرب يسوع ومن أجل خلاصنا الأبدى . حقا قال الرب :" لان أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور فى جيلهم " (لو 8:16 ) .

 

محبة الوالدين والأقرباء التى تمنع الإنسان من محبة الله والتكريس تنطبق عليها الآية القائلة "أعداء الإنسان أهل بيته " (مت 36:10) . لأنهم بالحقيقة يكونون أعداء نفسه وأعداء خلاصه رغم كل الحب العاطفى الذى يغمرونه به .

 

6- الوظيفة العلمية وتسلطها على القلب :

 

أحيانا تكون الوظيفة أو المنصب خصوصا إذا كان عاليا أو مرموقا سببا فى تعطيل دعوة التكريس للرهبنة, وهنا يحتاج الإنسان إلى التأمل فى نعيم الحياة الأبدية والعيشة الدائمة بلا نهاية مع المسيح فى السماء . متأملا فى كلمات بولس الرسول العظيم " لكن ما كان لى ربحا فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة . بل إنى أحسب كل شئ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربى الذى من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح وأوجد فيه "

 

(فى 7:3-9) .

 

7-الخدمة وما يصاحبها من مسئوليات :

 

أحيانا تكون خدمة مدارس الأحد التى يمارسها الشاب فى العالم سبب فى تعطيل دعوته للرهبنة . فبينما هو يحس بدعوته للرهبنة ويشتاق إليها تربطه الخدمة ويقنعه الآخرون بانه مفيد فى الخدمة وسبب بركة لكثيرين ، وينصحونه بأن يلغى هذه الفكرة أو على الأقل يؤجلها .

 

ليعلم هذا الأخ أنه إذا ذهب إلى الدير سيكون مثمراً وسبب بركة ليس لفرع واحد أو فصل واحد من فصول الخدمة ، بل سيكون بركة للكنيسة كلها على مستوى أعلى . فبينما الخدام مشغولون فى الخدمة ولايجدون وقتاً متسعاً للصلاه من أجل نفوسهم ومن أجل مخدوميهم ، سيكرس هو نفسه لهذا العمل ،لأنه بينما كانت مرثا تخدم المسيح كانت مريم أختها جالسة عند قدميه تسمع كلامه . وبينما كان يشوع يحارب عماليق فى الوادى كان موسى على الجبل رافعاً يديه يصلى طالباً النصر ، ومازال حتى الآن للرب حرب مع عماليق (الشيطان والعالم ) من دور إلى دور ، الكنيسة كما تحتاج لرجال الخدمة تحتاج وبإلحاح إلى رجال صلاة وركب منحنية لكى تثمر الخدمة .

 

حينما يسمع زملاؤك الخدام وتلاميذ فصلك إنك ذهبت إلى الدير سينتفعون بقدوتك وزهدك ومحبتك لله أكثر مما انتفعوا بكلامك . سيراجعون أنفسهم ولايأخذون التدين مجرد كلام ووعظ وحضور اجتماعات ، وإنما سيقلدونك فى محبتك لله وزهدك ولو على قدر طاقتكم وهم فى العالم .وقد قال الرب يسوع :" الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة فى الأرض وتمت فهى تبقى وحدها ، ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير " (يو 12 :24) .

 

والتلاميذ لم يؤمنوا بكلمات الرب ولم يصدقوها الإ بعد أن مات معلمهم ودفن فى القبر وقام من بين الأموات " حينئذ دخل ايضاً التلميذ الآخر الذى جاء أولا إلى القبر ورأى فامن " (يو 8:20).

 

8- مسئولية خلاص تلاميذ الفصل :

 

يحتج الخادم أحياناً بانه لايستطيع أن يترك فصله الذى يخدم فيه لأنه مسئول عن خلاص تلاميذه .

 

جميل جدا أن تشعر بهذه المسئولية , ولكنك يا أخى لست وحدك المسئول عن خلاص نفس الأطفال أو الشبان الذين تخدمهم , فيشاركك هذه المسئولية البيت والكاهن وأمين الخدمة , إذا شعرت بدعوتك للرهبنة يمكنك بهدوء أن تسلم الفصل إلى زميلك الآخر بالفصل أو تسلمه لأمين الخدمة لكى يعين لهالخادم المناسب , أما أنت فتلبى الدعوة التى دعيت إليها , ومن عمق البرية تستطيع أن تخدم أولاد فصلك , بالصلاة من أجل كل واحد سيتغير نوع الخدمة فقط , فبدلا من الخدمة المباشرة بالافتقاد والتلقين تصبح خدمتك لهم غير مباشرة , بالصلاة من أجلهم وبتقديم القدوة الحسنة والمثال الذى يحتذى فى محبة الله والزهد عن العالم وكل شهواته . أما الخدمة المباشرة فستقدمها لله مباشرة بخدمة الصلاة والتسبيح والتأمل , مختارا النصيب الصالح الذى لن ينزع منك .

 

9- مسئولية الشاب تجاه الأسرة :

 

كأن يكون العائل الوحيد للأسرة بعد والده الذى شاخ وعجز عن الكسب أوالذى توفى . أو يكون ما زال مطلوبا للخدمة العسكرية , لم يؤدها ولم يعف منها . فى هذه الحالة يحسن الأنتظار حتى تنصلح الأمور وتصبح أكثر ملاءمة ,فالدير لايقبل من كان موقفه من الجندية مازال شائكا , أو من كان فاشلا فى حياته الدراسية أوالعملية ,كما أن الذى يترهب ويكون حال الأسرة فعلا يستدعى وجوده وسطها فإنه يتعب فى الرهبنة ويعيش منقسما غير راض عن وضعه .

 

10- اعتراض أب الاعتراف :

 

أعتقد أن آباء الاعتراف لا يمنعون له اشتياقات رهبانية منعاً باتا , وإنما يحاولون أن يبصروه بالأمور , يذكرون له بعض متاعب الطريق ويطالبونه بأن يجلس مع نفسه ويحسب حساب النفقة , يذكرونه بمسئولياته تجاه أسرته , أو يضعون له بعض الاختبارات لأمتحان عزيمته .

 

على الشاب الناضج المتفهم لفكرة أن يقنع اباه الروحى بتصميمه وعزيمته , وعلى اب الاعتراف إذا تأكد من عزيمة ابنه على الرهبنة أو التكريس أن لا يضع أمامه العراقيل والعقبات بدون داع , عالما أنه إذا منعه عن هدفه بسلطانه الروحى بدون وجه حق سيكون مسئولا عن ذلك أمام الله خصوصا إذا ضعفت حياة الشاب الروحية من جراء وجوده فى العالم أو لشعور بكسرالنذر وضياع الهدف , أو لنكسة روحية تصيبه لسبب ما .