Search

نياحة الأنبا أمونيوس المتوحد الأنطاكى

نياحة الأنبا أمونيوس المتوحد الأنطاكى

في مثل هذا اليوم من سنة 73 للشهداء الموافقة لسنة 357 م تنيح القديس أنبا أمونيوس . ولد هذا القديس في سنة 294 م بجوار مريوط وهو كزميله أنطونيوس كان من أسرة مسيحية تقية غنية وفقد أبويه وهو في سن الحداثة فبات تحت وصاية عمه وكانت كل آماله متجهة إلى عيشة البتولية والقداسة غير أن عمه خطب له فتاة غنية على غير أرادته ولما لم يكن في قدرته مخالفة أمر عمه ، أخذ في مخاطبة خطيبته بالأقوال الروحية وقد استطاع بسيرته المقدسة أن يؤثر عليها تأثيرا حسنا فحبب إليها عيشة الطهارة وغرس في قلبها الميل إلى تكريس النفس لتكون عروسا للعريس الحقيقي يسوع المسيح ومن ثم اتفق الاثنان على أن يقبلا عقد زواجهما وهما مصممان على أن يعيشا معا كأخ وأخت .

وقد لبثا على هذه الحال مدة طويلة وهما يحافظان على شروط العفة والأمانة حتى مرت سبع عشرة سنة على زواجهما وبعدها انتقلت الزوجة إلى الدار الأبدية فرأى هذا القديس في حلم أن القديس أنطونيوس يدعوه إلى لبس أسكيم الرهبنة ولما استيقظ من النوم نهض وذهب إلى حيث يقيم القديس إيسيذورس الذي ألبسه الاسكيم المقدس وأقام عنده مدة من الزمن ثم قصد بعد ذلك جبل تونه حيث يقيم القديس أنطونيوس .

وقد أقام القديس أمونيوس عند القديس أنطونيوس مدة وتتلمذ له ودرس على يديه قوانين الرهبنة المقدسة ثم بني له مغارة في تونه الجبل . وهناك أجهد نفسه بعبادات كثيرة فحسده الشيطان وأتاه في شكل راهبة وقرع بابه . فلما فتح له وطلب منه أن يصليا معا تحول الشيطان إلى لهيب نار . ثم مضى وسكن في امرأة وأغراها على ايقاع القديس في الخطية . فلبست أفخر ثيابها وأتت إليه نحو الغروب وبدأت تقرع باب مغارته قائلة : أنني امرأة غريبة وقد ضللت الطريق وأمسي على الوقت فلا تدعني خارجا لئلا يأكلني وحش وتكون أنت المطالب بدمي . فلما فتح لها وعرف مكيدة الشيطان الذي أرسلها ، أخذ يعظها ويخيفها من عذاب الجحيم المعد للخطاة ويذكر لها الغبطة المعدة للصديقين . ففتح الرب قلبها وفهمت قوله وخرت عند قدميه باكية وسألته أن يقبلها ويساعدها على خلاص نفسها ثم نزعت عنها ثيابها فألبسها ثوبا من شعر وقص شعرها وسماها الساذج ثم علمها طريق الفضيلة فسارت فيه سيرا حميدا حتى فاقت القديسين ، بصومها الكثير وصلاتها المتوالية .

ثم عاد الشيطان فدبر حيلة أخرى وذلك أنه لبس زي راهب وصار يتردد على الأديرة ويقول للرهبان وهو باك : أن الأنبا أمونيوس الناسك قد تزوج بامرأة ويحتفظ بها في المغارة فجلب بعمله هذا الفضيحة لكم والإهانة للاسكيم المقدس فلما سمع بذلك الأنبا أبوللو المتشبه بالملائكة أخذ معه الأنبا يوساب والأنبا نوهي وأتوا إلى جبل تونة وقصدوا مغارة الأنبا أمونيوس . فلما قرعوا باب المغارة وفتحت لهم تحققوا الأمر . فلما دخلوا صلوا كالعادة ثم جلسوا يتحدثون في عظائم الله إلى آخر النهار فقال لهم الأنبا أمونيوس : هلموا لنري الساذج لأنها تخبز لنا قليلا من الخبز . فلما خرجوا إليها وجدوها واقفة تصلي وسط اللهيب وهو شديد التوهج ويداها مبسوطتان فتعجبوا من ذلك ومجدوا الله . وبعد أن أكلوا من الخبز وشربوا انفرد كل واحد لينام . فعرف ملاك الرب الأنبا أبوللو بقضية الساذج مع الأنبا أمونيوس وأن الرب أرسلهم إلى هنا لكي يحضروا نياحها .

وقد تم قول الملاك إذ أنها نحو الساعة الثالثة ليلا اعترتها حمي شديدة فسجدت للرب وأسلمت روحها بيده فكفنوها وبعد الصلاة دفنوها . ثم عرفهم الأنبا أمونيوس بفضائلها . وأنها أقامت عنده 18 سنة لم ترفع وجهها إلى فوق لتري وجهه وكان طعامها خبزا وملحا . وبعد ذلك أوفده القديس أنطونيوس إلى وادي النطرون ليؤسس أديرة هناك فتبعه جمهور من المؤمنين فنظم لهم أحوال معيشتهم واستمر يسوسهم بالفضيلة وبعد قليل تنيح هذا الأب القديس صلاته تكون معنا ، ولربنا المجد دائمًا . آمين