Search

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الجمعة من الأسبوع السابع من الصوم الكبير

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الجمعة من الأسبوع السابع من الصوم الكبير

تتضمن الحث على مداومة العمل بإهتمام فى طريق الفضيلة .

مرتبه على قوله تعالى بفصل الانجيل :

" ينبغى أن أسير اليوم وغدا وما يليه "

( لو 13 : 31 - 35 )

   إذ قد وصلنا بنعمة الله المحب البشر إلى نهاية الاربعين المقدسة . وأتممنا العدة المفروضة علينا . ينبغى لنا أن نحذر الملل . ونرفض الفشل . ونخاف من احتيال الصيادين . ونطهر حرارة الشوق . ونضاعف وسائل الطلب . لنصل إلى ذروة الفضيلة وندخل مدينة الفائزين . لان مدبرى السفينة هكذا يصنعون إذا أوغلوا فى السفر وبالغوا فى الاتعاب وقطعوا أكثر اللجج الهائلة والانواء المخوفة وقربوا من المرسى المقصود فإنهم يبالغون فى الحزم . ويقومون على قدم الاجتهاد . ويعملون الآلات والرجال . ويحفظون من الطوارق المخفية . كل ذلك لكى يصلوا سالمين وكذلك يصنع فرسان السباق فإنك تراهم قاربوا أواخر الميدان يبالغون فى الاجتهاد ويكدون خيولهم ويضربونها وينخسونها بالمهامين ليظفروا بالاكاليل ويأخذوا جوائز الفوز . وهكذا يفعل الحراس وحفظة الأسواق والبساتين إذا سهروا الليل كله وقاربوا الفجر . يشعلون النيران . ويكثرون الكلام خوفاً من أن يدركهم النعاس فتهجم عليهم اللصوص بغتة فيخسرون أتعابهم .

     فإذا كان مدبرو السفن والمسابقون والحراس يجتهدون هكذا عند اشرافهم على نهاية المطلوب منهم . ويتفاضلون فى ذلك ويتغايرون . فكم ضعفاً من الإجتهاد يجب علينا نحن أصحاب البضائع الثمينة والجواهر النفيسة والكنوز الجليلة إذ قد وصلنا إلى طرف المسافة ؟ وكم يلزمنا أن نتحفظ من المعاندين لأن اللصوص والسراق وأعداء الفضيلة إذ رأونا قد سهرنا الليل كله وحفظنا كنوزنا وحرسنا ذخائرنا . يحيطون بنا من كل جانب ويريدون أن يغلبنا النوم والكسل ليسطوا علينا سريعاً ويخطفوا أمتعتنا ويفوزوا بذخائرنا ويجعلوا كنوزنا غنيمة الاغتصاب .

     فإن قلت كيف وبأى نوع نتحفظ أكثر ؟ قلت بأن نتقوى بالصلاة والرحمة والزهد والعفاف . وأن نحترس من الافكار الردية والهواجس العالمية والاهتمام بالاباطيل الدنيوية . ونطهر ضمائرنا وننقى قلوبنا . ونقول مع المغبوط داود : " أجعل يارب حارساً لفمى . احفظ يارب شفتى . لا تمل قلبى إلى أمر ردى لأتعلل بعلل الشر " ( مز 141 : 3 و 4 ) .

     فإن قلت وكيف أظفر بالصلاة الهادئة والافكار الصافية . وأنا مشغول بتدبير الأولاد . ومتقلب تحت الاثقال العالمية والمهمات المنزلية . قلت هلم أنظر بعين العقل إلى داود الملك . كيف كان نبياً وملكاً ومديراً للجيوش والعساكر ومتكلفاً محاربة الاعداء . ولم يمنعه كل ذلك من خدمة الله . ولم يصده عنها المال ولا اللذات . ولا الشهوات ولا مقاومة المضادين له . ولما لم يجد له وقتاً للصلاة فى النهر . جعل ذلك فى نصف الليل حيث يكون الناس مضطجعين ومرتاحين ومتلذذين . ولهذا تراه تارة يقول : " سبع مرات فى النهار على أحكام عدلك " ( مز 119 : 164 ) . وتارة يقول : " إذا ذكرتك على فراشى فى السهد ألهج بك " ( مز 63 : 6 ) .

     وإذا كان مثل هذا الملك العظيم الشأن المستغرق فى الامور السياسية والمهمات العالمية . لم يمنعه ذلك من القيام بحق العبادة كما ينبغى . فما الذى تعتذر به أنت ؟ وكذلك كان يفعل معلم المسكونة وجميع رسل ربنا . حيث كانوا يضربون ويشتمون ويحبسون ويعذبون بأنواع العذاب . وهم مع ذلك فرحون متهللون شاكرون . مواصلون الصلاة فى الليل والنهار . مستيقظون لاتعابهم . غير متكبرين بفضائلهم . ولهذا سمعت الأمم أقوالهم . وخضعت الملوك طاعة لهم . وسدوا أفواه الأسود وأخمدوا هياج النار . وظفروا بحلل الكرامة . وتكللوا بتيجان الغلبة . وأخذوا مفاتيح الملكوت . وارتقوا إلى مراتب النعيم .

     فسبيلنا أن نحفظ كنوزنا لنفوز بملكوت ربنا وإلهنا . الذى له المجد إلى الابد . آمين