Search

طقس الرهبنة

 

طقس الرهبنة

 

 

لما أظهر يشوع بن نون تلميذ موسى طاعة مثالية لمعلمه واتضاعاً أمام الله والناس ومحبة وغيرة لوصايا الله وأوامره أمر الرب موسى أن يقوم بسيامته أى تكريسه ليخلفه فى قيادة الشعب " فقال الرب لموسى : خذ يشوع بن نون رجلاً فيه روح وضع يدك عليه .وأوقفه قدام ألعازار الكاهن وقدام كل الجماعة وأوصه أمام أعينهم . واجعل من هيبتك عليه لكى يسمع له كل جماعة بنى اسرائيل .. ففعل موسى كما أمره الرب . أخذ يشوع وأوقفه قدام ألعازار الكاهن وقدام كل الجماعة , ووضع يديه عليه وأوصاه كما تكلم الرب عن يد موسى "

 

(عد 27: 18-23) .

 

هكذا الأخ الجديد طالب الرهبنة يستمر طول فترة الاختبار التى قد تستمر عدة شهور تقل أو تزيد حسب استعداد الأخ وتقدمه فى حياة الفضيلة وبالذات حياة الاتضاع والطاعة والبساطةوالنشاط فى الخدمة فى هذه الفترة , وكانت هذه فى أوائل عصور الرهبنة تستمر إلى ثلاث سنوات يستمر طول هذه الفترة طات أوقصرت تحت الميكرسكوب لفحصه والتعرف على شخصيته وأستعداداته . ليختبره أب الدير عدة اختبارات فى الطاعة والاتضاع ليرى مدى تقدمه فى هاتين الفضيلتين بالذات , يجمع عنه المعلومات من الآباء الرهبان المحتكين به والمتعاملين معه وخصوصا من أب اعترافه ومن الراهب المشرف عليه مباشرة فى العمل الذى يقوم به فى الدير ,ليتعرف على طريقة معاملته مع الآخرين هل فيها أتضاع أو كبرياء , فيها طاعة أم اعتداد بالرأى , فيها بساطة أم خبث و مكر , فيها نشاط أم كسل ,فيها محببة أم كراهية ,فيها خدمة أم تعالى وعجرفة .

 

وفترة الاختبار هذه فرصة للأخ نفسه ليختبر فيها ذاته واستعداداته ومقدرته وقوة عزيمته , فيها يجلس مع نفسه ويحسب حساب النفقة ,هل يستطيع أن يعيش فى هذه الحياة عمره كله أم لا .

 

إن رضى أب الدير شخصياً بحنكته واختباراته الكثيرة فى دراسة نفسيات الناس وشخصياتهم , وإن رأى إجماع الرهبان على مباركة الأخ والشهادة الحسنة له , ولم تصله أى شكوى على الأخ الراهب أو من أى شخص من المحتكين به , عندئذ يقدم مشيئة الله لرهبنة الأخ وضمه كعضو عامل نافع إلى إلى مجمع الدير العامر .

 

بعد صلاة المزامير فى طقس صلاة العشية يفتح رئيس الدير ستر الهيكل وتوقد شموع المذبح الذى تكون عليه ملابس الرهبنة بقطعها المعروفة .

 

ينادى للأخ فيأتى ويقف أمام باب الهيكل مطأطئ الرأس متضعاً , يقولأب الدير موجها ً كلامه إلى الرهبان :نريد أن نرهبن الأخ ,.....

 

هل يوجد أحد له اعتراض على رهبنته ..؟

 

إن لم يوجد من يعترض يوجه أب الدير كلامه للأخ ناصحا ً إياه ببعض

 

النصائح عن طريق الرهباني عامةوعن بعض الملاحظات التى لاحظها عليةخاصة، ويطالبه

 

بالاجتهاد اكثر فاكثر بالسلوك الحسن وحياة الفضلية.

 

يعمل الاخ مطانية امام الهيكل ثم امام اب الدير كدليل علي طاعتة لأوامر الدير وناموسه ،

 

ثم مطانية للرهبان كدليل علي خضوعة وبنوتة لهم،ثم يصافح الجميع طلباً للحل والسماح

 

والبركة منهم جميعاً.

 

يقف الأخ أمام رئيس الدير الواقف على باب الهيكل ثم يحضر أمين الدير الملابس الرهبانية من على المذبح ويسلمها للرئيس فيأخذها بيديه ويعطى طرفها للأخ فيمسكاها معاً ,يرشم رئيس الدير الملابس الرهبانية بالرشومات الثلاثة المعروفة مصحوبة بالاسم الرهبانى الذى سيعطيه للأخ وغالباً اسم أحد القديسين المجاهدين حتى يحاول أن يتمثل به فى جهاده ,يقبل الأخ يد أب الدير ثم يأخذ منه الملابس ويتوجه بها إلى مقصورة أجساد القديسين الموجودة فى الكنيسة ويضعها عليها بينما يقول خورس الكنيسة لحناً مناسباً. تكمل صلوات رفع البخور عشية كالعادة ثم يأتى الرهبان إلى أخيهم الجديد معانقين ومهنئين بنعمة الرهبنة طالبين له الثبات والنمو المتكاثر لحساب ملكوت السموات وخلاص نفسه , وأن يكون سبب بركة للدير خاصة والبرية والرهبنة عامة .

 

يأتى الأب الروحى للأخ ويهنئه أيضاً ثم يجلس معه جلسة روحية خاصة يعترف فيها الأخ بما لم يعترف به من قبل من أخطاء وخطايا .

 

ويعلمه الأب بعض النصائح والإرشادات الخاصة بحياته الرهبانية الجديدة , يشجعه ويقويه ويدعمه بكل ماهو روحى ونافع ومفيد لحياته الرهبانية ,بعد ذلك يقرأ له التحليل , وقراءة التحليل هنا هامة جداً قبل إجراء طقس الرهبنة الذى سيتم فى الصباح حتى يدخل إلى الحياة الجديدة جديداً طاهراً من كل دنس أوغضن أو أى شئ مثل ذلك ,وبشهادة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس يقول : إن الرهبنة تشبه المعمودية من هذه الناحية , فيقول الأنبا أنطونيوس : إن الروح الذى يحل على المعمودية المقدسة هو يحل على شكل الرهبنة , ويطهر الذى يصير راهباً . وشهد قائلاً : إنه رأى وكأن نفسه قد خرجت من جسده وأعاقوها فى الجو وأرادوا أن يحاسبوها منذ صغرها وإذا صوت من السماء يقول " إنى من حين صغره إلى أن صار راهباً قد تركت له ذلك وغفرت خطاياه بالرهبنة ..".

 

يظل الأخ ساهراً فى الكنيسة لايخرج منها إلا لأمر ضرورى جداً يظل ساهراً إلى الصباح وحوله الآباء الرهبان فرحين بانضمامه إلى مجمعهم المبارك , ويكون حديثهم طوال الليل فى الكنيسة عن الجهاد الرهبانى عامة وفى سير القديسين العظماء أعمدة الرهبنة وبالذات سيرة القديس الذى أخذ الأخ اسمه .

 

عندما يدق ناقوس نصف الليل يشترك جميع الآباء فى صلاة نصف الليل ثم فى التسبحة ثم يرفع بخور باكر كالمعتاد .

 

بعد رفع بخور باكر ياتى أب الدير لإتمام أب الدير لإتمام طقس الرهبنة , ويتم إجراء طقس الرهبنة عادة امام مقصورة أجساد القديسين , وذلك لكى تحل أرواح هؤلاء القديسين المجاهدين الأمناء على الراهب الجديد وتؤازره فى جهاده وذلك على مثال مافعل موسى مع السبعين شيخا فى البرية , "فقال الر موسى : اجمع إلى سبعين رجلا من شيوخ إسرائيل .... وأقبل بهم إلى خيمة الأجتماع فيقفوا هناك معك , فأنزل أنا وأتكلم معك هناك وآخذ من الروح الذى عليك وأضع عليهم " (عد 17,16:11). " وجمع موسى سبعين رجلا من شيوخ الشعب وأوقفهم حوالى الخيمة . فنزل الرب فى سحابة وتكلم معه وأخذ من الروح الذى عليه وجعل على السبعين رجلا الشيوخ , فلما حلت عليهم الروح تنبأوا ولكنهم لم يزيدوا " (عد 11: 25,24) .

 

وكأن الأخ يطلب ويلح أن تحل عليه هذه الروح لكى تعطيه الأمانة والقوة فى جهاده حتى يسير فى طريق آبائه وينال نصيبهم على مثال مافعل أليشع عندما رأى معلمه إيليا يرفع إلى السماء فى المركبة النارية إذ صرخ بصوت عظيم إلى معمله "ليكن نصيب اثنين من روحك على " (2مل 9:2) .

 

ويتم إجراء طقس الرهبنة بأن ينام الأخ على ظهره على الأرض أمام أجساد القديسين ويضع يديه على صدره مثل نوم الميت تماما ثم يغطى بستر كبير كما يغطى الميت وهو فى نعشه .

 

لأن الرهبنة فى جوهرها هى موت عن العالم وقراءات طقس الرهبنة تشبه إلى حد كبير قراءات طقس الصلاة على الأموات بما فيها من ألحان حزينة مؤثرة .

 

يبدأ أب الدير بصلاة الشكر ودورة البخور ثم تقال النبوات كالآتى :

 

1-             من سفر التكوين (تك 1:12-7) وهى تحض على ترك العالم وطاعة صوت الله والسعى حثيثاً فى طلب أرض كنعان كما فعل إبراهيم .

 

2-             من سفر التثنية (تث1:8-9) وهى تحض على حفظ الوصايا والعمل بها حتى يستحق الإنسان دخول أرض كنعان .أرض الموعد .

 

3-             من يشوع بن سيراخ (1:2-5) تحض على احتمال التجارب والصبر والالتصاق بالرب حتى ينجح الإنسان ويصل إلى الحياة الأبدية يسلام .

 

بعد ذلك تصلى أوشية المرضى ثم بعض قطع المزامير كالآتى :

 

(مز11:34-15) ويحض على الحيدان عن الشر واتباع الخير وأن يطلب الإنسان السلامة ويجد فى إثرها ويكون رجل سلام ومحبة على مثال السيد المسيح الذى لم يكن يصيح ولايخاصم ولايسمع أحد فى الشوارع صوته .

 

ثم القطعة 16 من المزمور الكبير (مز 121:119-128) , يطلب فبها الإنسان من الله أن يعلمه وصاياه ويصنع معه رحمة ويعاهد الرب أن يرتب حياته بحسب وصاياه وأوامره ويبغض كل طرق الظلم والشر , (مز4:55-8) ويبث فيه المرنم اشتياقه للحياة فى البرية حتى تنجو من نوء واضطربات العالم المهلكة للنفس .

 

يرتل البولس بالقبطى باللحن الحزاينى المؤثر ثم يفسر عربياً وهو من (أف 10:6-20) وفيه يناشد الرسول المؤمنين أن يلبسوا سلاح الله الكامل , ترس الأيمان , درع البر , خوذة الخلاص , وسيف الروح الذى هو كلمة الله لكى يقدروا أن يقاموا فى الحرب الضروس القائمة بين النور والظلمة بينهم كجنود الله وبين جنود الشيطان وقواته .

 

v  تقال أجيوس الثلاثة بلحن الحزن ثم أوشية الإنجيل , ثم يقال المزمور قبطياً بلحن الحزن على طريقة البصخة ثم الإنجيل قبطياً بالطريقة الحزينة .

 

v  يفسر المزمور عربياً(مز2,1:31) " طوباهم الذين تركت لهم آثامهم والذين وسترت خطايهم . طوبى للرجل الذى لم يحسب له الرب خطية ولا فى فمه غش " .

 

v  يفسر الإنجيل عربياً من (مر 34:8) وفيه يحثنا الرب على إنكار ذاوتنا والاهتمام بخلاص نفوسنا فوق كل اعتبار حت نستحق الحياة معه فى فردوسه وملكوته فى الحياة المزمعة .

 

v  يقال طرح يطلب فيه أب الدير إلى ان يقبل صوم وصلاة وتوبة واعتراف الراهب الجديد ويمنحه قلباً طاهراً وحكمة وعقلاً مستيقظاً .

 

v  تقال الأواشى الثلاث الكبار ثم قانون الإيمان ثم أوشية الراقدين .

 

v  تقال صلاة يطلب فيها أب الدير إلى الله أن يعطي الراهب الجديد خيراً ونعمة ليهرب من الشهوات وينتصر على كل الأرواح الخبيثة المضادة .

 

v  يقوم الأخ من نومه فيأخذ أب الدير مقصاً ويقص شعر رأسه خمسة صلبان بالرشومات المعروفة كما يفعل النذير عند وفاء نذره " يحلق النذير لدى باب خيمة الأجتماع رأس انتذاره ويأخذ شعر رأس انتذاره ويجعله على النار التى تحت ذبيحة السلامة " (عد 6 : 18 ).

 

v  يصلى الرئيس على الملابس الرهبانية ثم يرشمها بالرشومات المعروفة ثم يلبسها للراهب الجديد قطعة قطعة .

 

v  يلبسه الثوب وهو يقول : البس ثوب البر ودرع النور ، واصنع ثمرة تليق بالتوبة بالمسيح .

 

v  يلبسه القلنسوة وهو يقول :البس قلنسوة الاتضاع وخوذة الخلاص واعمل ثمرة صالحة بالمسيح .

 

v  يمنطقه بالمنطقة وهو يقول : شد على حقويك بجميع رباط الله وقوة التوبة بالمسيح.

 

v  وذلك على مثال مافعله موسى عند تكريس هارون وبنيه لخدمة الله ، قال الرب لموسى :"تقدم هارون وبنيه إلى باب خيمة الاجتماع وتغسلهم بماء ( رمز التوبة والتطهير وهذا مايفعله الراهب قبل إتمام طقوس الرهبنة ، يعترف بخطاياه وينال التحليل ) وتأخذ الثياب وتلبس هارون القميص وجبة الرداء والرداء والصدرة وتشده بزنار الرداء ،وتضع العمامة على رأسه وتجعل الأكليل المقدس على العمامة .." (خر 4:29-6) .

 

بعد ذلك يقرأ التحليل ، ثم يأخذ أب الدير ابنه الجديد بيده إلى الهيكل ويوقفه أمام المذبح ويقرأ له الوصية الرهبانية المدونة بالكتاب ومنها : " اعلم أيها الأخ مقدار النعمة التى أدركت لأنك قد لبست شكل الملائكة ، وأقمت ذاتك جندياً للمسيح ، وتقدمت إلى جهاد صالح . أول كل شئ قد طهرت من دنس العالم الكثير الأ نواع فاحفظ نفسك منذ الآن لتكون جنديا صالحاً للمسيح ملك الملوك وتقاوم الحرب الخفية التى لإبليس وجنوده الأشرار .

 

احفظ العهد الذى قررته الآن بأن تعبد الله بخوف ورعدة ، وتتلو فى المزامير مع سهر الليل وتلاوة الابصلمودية (التسبحة) وصلاة الكنيسة المفروضة ، تكمل ذلك بكل الاجتهاد مع صوم بمقدار ، الخضوع والطاعة تكملها واحرص أن تسمع لمن يرشدك إلى طريق الله ووصاياه المقدسة إلى حد الموت ، لكى تنال تاج أبناء الله وترث ملكوت السموات ..".

 

يحضر القداس ويتناول من الأسرار المقدسة ، وبعد القداس تعمل له زفة إلى قصر الضيافة وتدق أجراس الدير فرحاً وتهليلاً ، وفى القصر يقدم له الرهبان التهنئة والدعوات ثم يوزع الشربات فرحاًً بهذه المناسبة ، ثم ينصرف الجميع بسلام وينصرف الراهب الجديد إلى قلايته فرحاً شاكراً الرب الذى دعاه وأهله إلى هذه الدعوة المقدسة .

 

طرح يمكن أن يقال عند الاحتفال بالراهب الجديد

 

افرحوا معنا كلكم اليوم يا آبائى وأخواتى من اجل الراهب المكرم (...) الذى لبس ثوب الرهبنة الملائكى ونال الموهبة الصالحة التى يعطيها الرب لمن يشاء ، ويفيض روح قدسه على من يعمل صلاحه ، فقد قال أبونا القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب الرهبان " أننى رأيت الروح القدس الذى يحل على المعمودية يحل على الذى يصير راهباً ".

 

فقد أختاره الرب جل اسمه كما قال معلمنا بولس الرسول لسان العطر ومعلم المسكونة فى رسالته إلى أهل رومية :" ليس امن يشاء ولالمن يسعى بل الله الذى يرحم "

 

(رو 16:9) . وكذلك قال معلمنا يعقوب الرسول إن " كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى منفوق نازلة من عند أبى الأنوار الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران . شاء فولدنا بكلمة الحق لكى نكون باكورة من خلائقه " (يع 18،17:1) . وكما قال الرب يسوع موضحاً طريق الكمال لذلك الشاب الغنى " إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء فيكون لككنز فى السماء وتعال اتبعنى " (مت 21:19 ) " حاملا الصليب " (مر 21:10) .

 

فنقدسه تقديساً يليق بمجده ونشكره شكراً على ما وهب لنا من جزيل بركاته ، ونسأله أن يعطينا فهماً لكى نفتح أفواهنا اليوم لننطق ونتهلل ونفرح بالكرامة التى نالها الراهب (...) الذى لبس شكل الملائكة وصار فى طقس الروحانين .

 

طوباك أيها الراهب الطاهر إذ نلت هذه النعمة الجليلة والموهبة العظيمة التى أنعم بها عليك السيد المسيح له المجد ، ولما لبست شكل الرهبنة المقدس صرخ السمائيون والأرضيون قائلين (أكسيوس . أكسيوس ).

 

ونحن نسأل ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أن يحفظ رهبانيتك بالبر والطهارة ويكمل جهادك فى طريق القديسين لكى تفرح معهم فى ملكوت السموات ، وتسمع من الفم الألهى ذلك الصوت الفرح القائل " نعماً أيها العبد الصالح الأمين . كنت أميناً فى القليل فاقيمك على الكثير . ادخل إلى فرح سيدك " (مت 23:25) .

 

بشفاعة القديسة الطاهرة مريم أم النور والقديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب الرهبان وجميع القديسين آمين .