شفاعه العذراء مريم وفاعليه صلواتها

شفاعه العذراء مريم وفاعليه صلواتها

مريم فائقه القداسه

ان العذراء مريم ليست فقط صديقه وقديسه لكنها فائقه القداسه وقد وصفها الملاك جبرائيل عندما بشرها بالحبل الالهى منها انها (الممتلئه نعمه) (لوقا1 :28) . ومعنى انها (ممتلئه نعمه )انها كانت قبل اختيارها لشرف ولاده الله الكلمه منها´نقيه وطاهرة وعفيفه ومفعمه بالفضيله الى درجه الامتلاء الكامل . وهى قامه روحيه عظيمه نادرة فى فتاه فى مثل سن العذراء مريم و لم تكن قد بلغت الثالثه عشرة من عمرها : (بنات كثيرات عملن فضلا .اما انت ففقت عليهن جميعا) (امثال29:31) .واذا كانت تلك هي قامتها الروحيه وهى صبيه صغيرة فلابد ان هذه القامه امتدت طولا وعرضا وعمقا بتأملها فى سر التجسد  وبملازمتها للمسيح له المجد وافعالها المستمر بالمكاشفات الروحيه والتجليات العاليه التى عاشتها وعايشتها  واستغرقت روحها ونفسها وذهنها وكل كيانها ووجدانها  قال عنها الانجيل (وأما مريم فكانت تحتفظ بكل هذه الامور فى قلبها متامله فيها ..وكانت امه تحفظ كل هذة الامور فى قلبها متامله فيها ) (لوقا 51.19:2). ان مريم تحولت بفضل كل هذا الجو الروحانى الذى غمرها وغرقت هى فى اعماقه وغاضت فى بحورة ومتابعتها المستمرة المتأنيه لكل كلمة من إبنها وسيدها وربها الذى وقفت وأوقفت كل حياتها على خدمته ومتابعتها المستمرة المتأنية لكل تصرفاته وكل تحركاته  وما صاحب حياته من احداث الهية مبهرة ومعجزات وايات وقدرات سحقت روح مريم بمزيد من الاتضاع والاستغراق الروحانى حتى صارت تحيا ( فى الروح ) (الرؤيا 10:1) وكأنها ليست فى الجسد ولعلها من عمق استغرقها فى الروحانيات لم تكن تدرى ( هل هى فى الجسد ام خارج الجسد ) (2كورونثوس 3.2:12).

 ان انسانه روحانيه بهذه الدرجه بدأت خدمتها فى سن الصبوة وهى (ممتلئه نعمه ) وامتدت بعد ذلك قامتها الروحيه طولا وعرضا وعمقا . كيف لاتكون لها عند الله شفاعه وداله ؟

وكيف لايكون لصلواتها وزن ثقيل ؟

اذا كان الله تعالى يقرر انه ان وجد فى مدينه خمسين او اربعين او ثلاثين او عشرين لو عشره ابرار .فانه يصفح عن المكان كله من اجل الابرار الذين في المكان ولايهلكهم من اجل الابرار الذين في وسطهم (التكوين 32.23:18)  فكيف لايكون لمريم العزراء وهى (الممتلئه نعمه ) والفائقه القداسه .شفاعه وداله عند الله بحيث انه بصلواتها وطلبتها يرحم الرب بشرا اخرين تشفع هى فيهم فتشملهم مراحم الرب ويطيل اناته عليهم ؟

الملكه ام الملك

لكن مريم العذراء بفضل روحانيتها وقداستها  قد اصطافها الرب دون نساء العالمين (لوقا 42.28:1) لتكون هى (المختاره )  (2يوحنا 1)التى يحل الله الكلمه فيها . ومن دمها ولحمها تكون الجسد الذى اتحد به اللاهوت وظهر منها (الله المتجسداً) (1تيموثيئوس 16:3) انه شرف .ياله من شرف ان تصبح امرأه من جنسنا (سماء ثانيه ) حل فيها الله جسديا ان تصير سماء من ثم (والده الاله) (اشعياء 14:7) وان يجلس الله الكلمه على ركبتيها وهو (الجالس فوق الكاروبيم ) (1.صموئيل 4:4).(2.صموئيل 2:6). (مزمور 1:79).. هى اذن الملكه ام الملك  (مزمور 9:44) فبهذه المكانه الساميه وهذه الصفه والحيثيه  هى ذات داله وشفاعه .ولابد ان تكون لصلواتها مكانه امام الله مكانه لاتعلوها مكانه لاحد اخر من القدسين والقديسات الم يقل لها الملاك المبشر (انك قد نلت نعمه عند الله ) (لوقا 30:1) ولاينال هذه النعمه والحظوة الا من ارضى الرب بسيرته العطرة .

ان شفاعه مريم وفاعليات صلواتها ودالتها امام الله ليست فقط  من حيث مكانتها باعتبارها الملكه ام الملك  وليست فحسب من اجل روحانيه حياتها وقداسه سيرتها وهى (المتلئه نعمه ) والفائقه القداسه ولذلك (نالت نعمه عند الله ). ولكنها بالاضافه الى هذا وذاك . لأنها تعبت مع المسيح ومن أجله كثيراً وإذا كان المسيح له المجد باكيه عند قدميه ان خطاياها الكثيره مغفورة لها لانها احبت كثيرا) (لوقا 47:7) فأن مريم العذراء الطاهرة جزيله القداسه قد احبت الرب كثيرا ولم تكن محبتها مجرد عاطفه روحيه جياشه  وليست مجرد تبتل وانقطاع تام وتفرغ كامل للرياضات الروحانيه  العاليه ولكن مريم  قد تعبت من اجل الرب يسوع كثيرا كما لم يتعب من اجله احد اخر مثل تعبها فهى التى حملته جسديا كأم فى احشائها وارضعته جسديا وربته وهو ينمو فى جسده نمواً تدريجيا الى قامه الانسان الكامل (لوقا52:2) واحتملت من اجله التعيير و الشكوك فى طهارتها حتى يوسف خطيبها البار شك فيها ولكنه (إذا كان يوسف رجلها بارا ولم يشأ ان يشهر امرها اراد ان يخلى سبيلها سرا ولكنه فيما كان يفكر فى ذلك  اذا ملاك الرب جائه فى حلم قائلا: يايوسف بن داود لاتخف ان تستبقى مريم امرائتك . لان الذى سيولد منها انما هو من الروح القدس (متى 20.19:1) ولقد عانت معه فى رحلتها الطويله  فى كل ارض مصر من شمالها الى جنوبها وهى يطاردونها معه من مكان الى مكان وبعد ان عادت إلى أرض فلسطين  عاشت معه نفس المصير الذى عاناه  من مضايقات اليهود واضهادهم له (يوحنا 20:15) ويمكننا ان نتصور معاناه العذراء مريم خصوصا فى اسبوع ألام  سيدها وابنها  وكيف عاشت معه تلك الايام القاتمه الحزينه والمحاكمات الدينيه والمدنيه التى حاموة بها والقضاء عليها بالجلد والضرب والصلب  . وكيف كانت تراه وتتابعه فى مراحل الصلب مرحله مرحله وكيف كان شعورها كأم وهي تراه واقعه تحت حمل الصليب الثقيل ثلاث مرات وقائد الجند القاسي القلب يلهب بالسياط ظهرة المثخن بالجراح يستحثه على النهوض وهو منهك والعرق يتصبب من جبينه مختلطا بالدم  ثم يمتزج بتراب الارض فيصير وجهه ملطخا كله بالطين  كيف كان شعورها كأم وهى ترى الذى هو (ابرع جمالا من بنى البشر ) (مزمور1:44) قد صار لاصورة له ولا جمال (اشعياء 2:53) ثم تراه والمسامير تثقب يداه ورجلاه  وتراه وهو على الصليب  يقول انا عطشان (يوحنا 28:19) فلا يقدمون له ماء وانما يقدمون له خلا فى اسفنجه (يوحنا 29:19) ثم ترى رئيس الجند يطعنه بالحربه فى جنبه فيجرى من جنبه دم وماء (يوحنا 34:19) وحقا ماقاله سمعان الشيخ عندما رأى المسيح على يد العذراء مريم تحمله عند تمام الاربعين يوما من ولادته متنبئأ على آلامها ومعاناتها مع المسيح ربها وفاديها وابنها (ان هذا قد جعل لسقوط وقيام كثيرين فى اسرائيل وسيكون هدفا للمقاومه  وانت ايضا سينفذ فى نفسك سيف حتى تنكشف نوايا قلوب كثيره (لوقا35.34:2) واذا كان الكتاب المقدس يقرر من حيث المبدا ان الله عادل وانه لعدله (يجازى كل انسان على حسب اعماله ) (متى27:16) (روميه 6:2) وان ( كل واحد ينال اجرته على مقدار تعبه ) (1. كورنثوس8:3) والتعب هو برهان المحبه  (وما من حب اعظم من ان يبذل احد نفسه عن احبائه) (يوحنا 13:15) فإن العذراء مريم قد احبت الرب حبا لا يدانيه حب اولاً كقديسه جزيله القداسه  وثانيا كأم وليس كمحبه الأم محبه اخرى تدانيها وثالثا كأنسانه  عاشت مع المسيح وعايشته وارتبط مصيرها بمصيره  واحتملت من اجله ما لم يحتمله احد اخر وعانت من اجله مالم يجر احد ان يدعيه فهى معه اكثر من شهيده  تعذبت معه منذ بدء تجسده وقبل تجسده تعذبت معه فى الامه وموته وبعد قيامته وبعد صعوده الى السماء ومازال اليهود لهذا اليوم يسبونها ويعادونها ويبغضونها تلك الاعتبارات الثلاثه على الاقل من اجلها تكون للعذراء مريم عند المسيح الرب شفاعه وداله فوق كل شفاعه وداله لاى انسان  اخر ويكفى للعذراء مريم فخرا ان اول معجزه صنعها المسيح له المجد فى خدمته الجهريه كانت استجابه لرغبه العذراء مريم فعلى الرغم من انه لم يكن يشاء ان يصنع معجزة فى هذا الوقت  لكنه صنع المعجزة الاولى التى افتتح بها خدمته الجهاريه من اجل العذراء مريم  فحول الماء الى خمر فى عرس قانا الجليل (يوحنا 11.1:2) واذا كان المسيح له المجد لم ينس لمريم اخت لعازر التى سكبت الطيب على رأسه ودافع عنها قال للمعترضين عليها (انها قد صنعت بى صنيعا حسنا  لقد فعلت مافى وسعها الحق اقول لكم انه حيثما يبشر بهذا الانجيل فى العالم كله يحدث ايضا بما فعلته هذه المراه إحياء لذكرها  (مرقس 9.8:14). (متى 13.10:26) فإنه بالاحرى لاينسى لمريم العذراء اتعابها فى سبيله  فقد سكبت على جسده ليس طيبا من قاروره بل لقد سكبت دمها واعصابها  بل اهلكت حياتها من اجله فكيف لايكون لها حسن القبول امامه وكيف لاتكون  لصلواتها الفاعليه العظمى عنده ؟..............