مريم العذراء .. لماذا تيتمت منذ طفولتها ؟

مريم العذراء .. لماذا تيتمت منذ طفولتها ؟

أليس لتكون هى العليقة التى لاسند لها غير الله وحده ؟

إن فى حياة العذراء الطاهرة مريم امورا كثيرة تستثير التامل ويبدو فيها واضحا تدبير الله وحكمتة فمريم العذراء وهى التى اتخذ  منها السيد المسيح جسده وقد صاغه من دمها ليكون للاهوته ستارا وحجايا فهى ذات مهمة فى تدبير الخلاص ففى كل خطوة من خطوات حياتها ما يقتضى أن نستخلص منه العبرة والعظة ومانتعلم منه الهدف والحكمة . إن مريم العذراء جاء الحبل بها وميلادها متاخرا سنوات عن زواج ابويها يواقيم وحنة لقد ظل الاثنان عقيمين فترة طويلة وفى الوقت الذى راه الرب مناسبا لميلادها جاء الملاك جبرائيل ليبشر أبويها يواقيم وحنة بالحبل بها . ويعلنهما عن دورها الذى عينة الرب لها فى تدبير الخلاص الذى وعد به ادم وذريته ونزل من السماء لتحقيقه ( لما تم الزمان )  (غلاطية 4:4 )

لكن هناك امرا اخر يستوقف النظر . هو ان العذراء مريم نذيرة للرب من بطن امها والنذر جاء من منطرق فم امها وكان برغبتها ومنطلق حريتها ولم تكن فى ذلك مقهورة او مجبرة  ( فصلت الى الرب وبكت بكاء ونذرت نذرا وقالت يارب الجنود إن انت نظرت نظرا إلى مذلة امتك وذكرتنى ولم تنسى امتك بل رزقت امتك زرع بشر فإنى اعطيه للرب كل ايام حياته )

ولما ظهر لها الملاك جبرائيل بنور سماوى فيما هى تصلى . وقال لها  : ( يا حنة إن الله سمع لدعائك وصلواتك . وها انت ستحبلين وتلدين ابنة مباركة وسيكون لها الطوبى فى جميع الاجيال  وفى كل اقطار المسكونة  ومنها يولد الخلاص من اسر ابليس لآدم وزريته ..

أجابت حنة الملاك جبرائيل وقالت حى هو الرب لو اننى رزقت  بمولودة كما قولت لى . لسوف اقدمها قربانا للرب الاله .. لتخدمه كل ايام حياتها فى هيكله المقدس ..)

 وحبلت حنة كقول الملاك ثم بعد تسعه أشهر وضعت الطفلة المباركة وسمتها ( مريم )

 وبرت حنة بوعدها ووفت بنذرها فما ان بلغت مريم  تمام الثالثة من عمرها _ وهى مدتة الرضاعة القانونية كما جاء على فم إحدى الامهات  تخاطب ابنها على ما ورد فى الكتاب المقدس

( يا أبنى ارحمنى انا التى حملتك  فى جوفها تسعة أشهر وارضعتك ثلاث سنين ) (2 الكابيين 27؛7) حتى حملتها حنة الى الهيكل لتكون خادمة للرب فى بيته وقد اقامت مريم فى رواق النذيرين من الاطفال وكانت امها حنه تزورها من وقت الى اخر تحمل اليها هداياها من طعام ولباس الى ان بلغت العذراء مريم الثامنة من عمرها فتوفيت امها وكان ابوها يواقيم قد توفى قبل امها بسنتين اى عندما كانت العذراء مريم فى السادسة من عمرها وبهذا امست العذراء مريم فى الهيكل يتيمة من الابوين فى الثامنة من عمرها وظلت هناك فى بيت الرب الى ان بلغت الثانية عشرة من عمرها وهى سن البلوغ للفتاة والتى ينبغى فيه للفتاة ان تغادر الهيكل ( لاتلامس شيئا من الاقداس ولاتدخل القدس ) سفر اللاويين 4:12) (اللاويين 19:15:20) وهنا تقف لنتامل دقة الموقف وصعوبة القرار بالنسبة لمصير مريم العذراء هذه الصبية الصغيره وفى هذه السن سن الثامنة عشرة من عمرها الى اين تذهب هذه الصبية عند خروجها من الهيكل انها ابنة يتيمة من الاب والام وليس لها بيت تذهب الية ولا احد ترجع الية كما يمكن لفتاة فى مثل سنها ؟ ولقد وقع الكهنة فى حيرة من امرها الى اين تذهب والى من يسلمونها ليتولى امرها ولابد ان تكون هى نفسها قد وقعت فى ازمة نفسية لقد صارت منفردة وليس لها اهل

يأاخذونها عندهم وليس لها بيت تعود الية ولقد قال بعض الاباء إن ملاكا من السماء اوعز الى ( زكريا ) فى حلم او رؤيا ان يجمع عصى رجال المدينة التى تنتسب اليها مريم وأعنى بها بيت لحم  وكان من عادة كل رجل ان يحمل فى ايدة عصا يحمى لها نفسة من الكلاب  والحيوانات وممن يتعرضة من الاعداء وقطاع الطرق فجمع زكريا الكاهن عصى الشيوخ والشباب من قرية بيت لحم ووضعها حسب امر الملاك فى الهيكل وحدث فى اليوم التالى ان العصا المكتوب عليها اسم يوسف النجار افرخت كما افرخت عصا هرون من قبل ( فافرخت براعيم وازهرت وانضجت لوزا ) ( سفر العدد 8:17) ( العبرانين 4:9) ولهذا السبب دعيت ( مريم) فى طقوس الكنيسة ( عصا هرون ) وزاد على ذلك ان حمامة بيضاء جميلة  جاءت واستقرت على راس يوسف فكانت هذه ايضا علامة اخرى على ان مشيثة الله  قد اقتضت ان يكون يوسف  هو الرجل الذى كان علية ان يتسلم مريم لتكون فى كنفه وتحت حماه ومسئوليتة  وكان يوسف فى ذلك الوقت فوق التسعين من عمرة لانة كما يروى السنكسار ان يوسف قد مات عندما بلغ 111سنة وكان الرب يسوع فى الجسد 16 سنة ( السنكسار تحت يوم 26 من ابيب ) واذن فقد كان يوسف يوم ميلاد المسيح او بالاحرى يوم تجسده ابن 95 سنة على ذلك يكون سن يوسف عندما أخذ مريم الى بيته نحو 93أو94 سنة وحرصا على سمعة العذراء مريم رأى الكهنة وجوب عقد زواج رسمى بين يوسف ومريم وكان فى ذلك الاجراء عين الحكمة لانه إن حبلت العذراء وهى فى بيت يوسف دون ان يكون بينها وبين يوسف عقد زواج رسمى لجاز ليوسف ان يجمع على مريم الشيوخ ويرجموها بالآحجار ( سفر التثنية 21:20:22)ولكن يوسف كما يروى الانجيل ( اذا كان يوسف رجلها بارا ولم يشا ان يشهر  أمرها أراد ان يخلى سبيلها سرا ولكنه فيما كان يفكر فى ذلك اذا ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا ( يا يوسف بن داود لاتخف ان تستيفى مريم امراتك لان الذى سيولد منها إنما هو من الروح القدس ) (متى20.19:6) وهنا نتإمل ونتساءل لماذا كان لمريم العذراء وهى التى سيتخذ الرب منها جسده هذه الطفوله البائسة التى عانت فيها ظروفا قاسية الليمة روحيا ونفسيا وبدنيا .. إنها كطفلة لم تعش طفولة زمانها  فهى لم تعش مع أمها غير مدتة الرضاعة وهى سنوات ثلاثة بعدها ذهبت بها أمها الى الهيكل وعاشت بعيدة عن امها محرومة من دفء عاطفتها وليس اقسى على الطفل من حرمانة من حضن امه فحضن الام للطفل هو غذاءه الروحى والنفسى والجسدى ان حضن الام للطفل هو غذاء ودواء ثم ان مريم بقائها فى الهيكل حرمت من العوده الى امها نهائيا ففى سن الثامنه صارت يتيمه من ابويها وظلت فى الهيكل حتى بلغت الثانيه عشر من عمرها فلم تنعم بحضن امها غير سنوات الرضاعه ولم تعد الى امها بعد ذلك بسبب وفات ابويها وظلت فى الهيكل حتى بلغت الثانيه عشر ولما تزوجت اغزها رجل عجوز يزيد عن التسعين من عمرة بينما كانت هى صبيه فى الثانيه عشر وكأنها بالنسبه له ابنه او حفيده وهو جدها هذه الملابسات البائسه التى عاشتها مريم فى طفولتها ولازمتها كل حياتها الى يوم وفتها جعلتها حقا شبيه بالعليقه التى رأها موسى النبى فى البريه عندما كان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان فنظر واذ عليقه تتوقد بالنار وهى لاتحترق فقال موسى اميل الان لاتظر هذا المنظر العظيم لماذا لاتحترق العليقة وراى الرب انة قد مال لينظر فناده الله من وسط العليقة وقال موسى موسى قال هاأنذا فقال لاتقترب الى ههنا اخلع نعليك من رجليك فإن الموضع الذى انت قائم فيه أرض مقدسة ثم قال انا اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب فستر موسى وجهه لآنه خاف ان ينظر الى الله فقال الرب انى قد رايت مذلة شعبى الذين فى مصر وسمعت صراخهم .. إنى علمت أوجاعهم فنزلت لآنقذهم (سفر الخروج 8:12) أما العليقة فهى شجرة صغيرة اوقل هى شجيرة أغصانها رخوة ولاقدرة لها على ان تنتصب بذاتها فتتعلق على ما يجاورها ولهذا رات الكنيسة مريم العذراء انها ايضا كالعليقة لانة لم يكن لها اب او ام اواحد تستند إلية او تعتمد علية  فكانت شبيهة بالعليقة التى راها موسى النبى فى البرية والعليقة تتوقد بالنار                     وهى لاتحترق وهكذا مريم العذراء  حل فيها الله الكلمه  ولم تحترق مع ان الله الهنا نار اكله ( العبرانيين 29:12) من منا يسكن فى نار اكله من منا يسكن فى وقائد ابدية ( اشعياء 14:33) ثم إن الله من فوق العليقة قال لموسى : إنى قد رايت مذلة شعبى وسمعت صراخهم إنى علمت أوجاعهم فنزلت لانقذهم وكان هذا القول الالهى لموسى  إرهاصا  ومقدمة وإعلانا للنزول الاعظم بالتجسد الالهى ( قد رايت مذلة شعبى فنزلت لانقذهم ) وها هو النشيد الكنسى عن القديسة مريم العذراء موسى النبى فى البرية والنيران تشتعل فيها ولم تمسسها باذية مثال ام النور طوباها حملت جمر اللا هوتية تسعة أشهر فى احشائها وهى عذراء ببكورية.