سمات كنيسة الرسل

سمات كنيسة الرسل

مقدمة : ظروف الكنيسة فى هذا العصر:

+ الاضطهاد العنيف، من اليهود والرومان، من الخارج ومن داخل البيت.

+ العبادات الوثنية الدنسة، وترقب ماذا ستفعل المسيحية ؟

ومع هذا، ومع أن الرسل كانوا حملانا وسط ذئاب، كانت الكنيسة قوية، نامية، فما هى الدعائم التى قامت عليها ؟

أولا : حياة الفضيلة :

+ وليست الفضيلة وحدات مرصوصة بجانب بعضها، وإنما هى سلسلة مرتبطة ببعضها. قد يتميز واحد فى أحدها دون أن يفقد الباقى.

+ كل شخص آمن بالمسيح أحس أنه مسئول عن السيد له المجد الذى استأمن المؤمنين به على نفسه، فإما بسببه يجدف على الاسم الحسن. أو يرى الناس أعماله الحسنة فيمجدوا أباه الذى فى السموات.

+ لقد اقتنانا السيد بدمه وجعلنا أعضاءه من لحمه ومن عظامه. أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية ؟ حاشا بل لأحيا حياة الطهارة.

+ ألسنا هياكل لله وروح الله يسكن فينا ؟ أفأفسد هيكل الله ؟ حاشا.

+ وإذ ترتبط حياة الفضيلة بالقوة، كقول النشيد من هذه الطالعة من البرية طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألوية. كانت الكنيسة قوية.

+ لقد استطاع يوستينوس شهيد القرن الثانى أن يقول هاتوا مسيحيا زانيا، أو قاتلا، أو سارقا، أو شاهدا بالزور، واقتلوا المسيحيين كلهم !

ثانيا : حياة الوحدة :

+ العضوية، التفرد والتكامل، المؤازرة والمعاونة، الحب والمشاركة.

+ الكل جسد واحد لرأس واحد هو السيد الرب، ومعنى هذا أن الرأس هو المتسلط على الأعضاء، ويعمل بها معا لتسد احتياجات بعضها البعض. فالحياة شركة حلوة.. وكل واحد على قدر ما يحتاج وكل عضو له عمله ورسالته حسب ما وهبه الله ليكون ولذلك نرى نماذج هائلة من الحب ( يوحنا الحبيب والشاب. وبولس الرسول وأنسبائه بالجسد..)

+ السيد المسيح أحب الجميع، وافتداهم، حبا ليس أعظم منه، وهو الرأس، الذى ينسكب منه الحب فى أعضاء الجسد بالروح القدس. وأعضاء الجسد تحب الرأس الذى افتداها وبين لها هذا الحب إذ ونحن بعد خطاه....

وإن كان قد أحبنا، فكل نفس قد مات المسيح لأجلها. إذا كيف تهلك النفس التى مات المسيح من أجلها ؟

لذلك يقول بولس من يضعف وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا ألتهب. وهنا العجب فى الحب.

ثالثا : نمو وحياة :

ما دامت وحدة وتعاون فنمو وحياة. نمو دائم فى حياة الشخص وفى الكنيسة ككل. وكل نمو لأحدهما يحتسب نموا للآخر. كل يوم الكنيسة تنمو، وكل يوم كل شخص ينمو. كل ممارسة تؤدى إلى نمو. والإنسان لا يمكن أن يقف مكانه، فإما نمو أو انحدار.

+ فهى تتغذى على المسيح من خلال كلمته، وجسده ودمه الإلهيين. فنمو دائم وإلا فما فائدة الممارسات إذا لم تعط نموا وعلوا ؟

+ وانظر كيف كان الرسول يفرح بنمو أولاده وثبات إيمانهم الذى ينادى به فى كل العالم.

" و هو أعطى البعض أن يكونوا رسلا و البعض أنبياء و البعض مبشرين و البعض رعاة و معلمين. لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح. إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان و معرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح " (أف 4: 11ـ 13)

رابعا : الحياة الروحية :

فالنمو معناه النمو فى الروحيات، فعاشت الكنيسة حياة روحانية.

والروحانية ليست فى الانفصال عن الماديات بل تحويلها إلى روحيات، فكل شىء لخدمة الروح.

+ ويوجد من يحول الماديات إلى روحيات، كما يوجد من يعمل العكس فكل شىء بما فيه الروحيات لخدمة أهداف مادية. وهنا الخطورة.

+ انظروا كيف استخدم السيد الرب الماديات ( مثل الزارع والزرع والخميرة والتجارة ) لخدمة أهداف روحيه ؟ وبولس الرسول يستخدم حتى الرياضة والركض فى الميدان لأهداف روحية.

+ وماذا عنا ؟ (نــــــادى ومسرح ورحــــلات وخــــلوات و أخوة الرب).

خامسا : كنيسة آلام مع أفراح :

ولأنها كانت تنمو فى الحياة الروحية علوا وعمقا واتساعا كانت كنيسة آلام وفى نفس الوقت كنيسة أفراح.

+ فالآلام من كل نوع . فماذا فعلوا بالغصن الرطب ؟ وماذا بالغصن الجاف ؟

- الرسل جميعا استشهدوا بعد آلام رهيبة عدا يوحنا الحبيب الذى استشهد بدون سفك دم..

- انظروا إلى آلام بولس الرسول، ولكنها حلوة من أجل المسيح وشهية.

- ومع هذا فرح وتسبيح وترنيم وتهليل. فبولس الرسول فى السجن ينادى افرحوا، ويعقوب يقول احسبوه كل فرح يا أخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة. وبطرس ينبه لا تستغربوا البلوى المحرقة..

ومن ارتضى أن يبيع كل شيء ليدخل هذا الطريق، كل مباهج الأرض وملذاتها، كل إرادة خاصة، لابد أن يكون فاهما وعارفا قيمة هذا الطريق وعظم المكافأة التى تنتظره والتى استحقت بيع كل شيء.

فالفرح السطحى بدون فهم، لا يحتمل التجارب، لا يحتمل التضحية ( النوع الثانى من الأرض فى مثل البذار )

" والمزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة و حالا يقبلها بفرح " (متى 13 : 20 )

أما أن يبيع الإنسان كل شيء ليقتنى شيئا واحدا، فلابد أنه وجد الكنز المخفى أو اللؤلؤة الكثيرة الثمن، حتى أن فرحا عظيما قد اجتاح قلبه أو انقض عليه انقضاضا، فتضاءلت واضمحلت قيمة كل ما لديه، وتحول فى نظره إلى نفاية :

" أيضا يشبه ملكوت السماوات كنزا مخفى في حقل وجده إنسان فأخفاه و من فرحه مضى و باع كل ما كان له و اشترى ذلك الحقل " (متى 13 : 44 )

من هذا النوع ( مع الفارق ) كان فرح المجوس الذى عليه ساروا شهورا طويلة لرؤية الطفل المولود :

" فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا " (متى 2 : 10)

ومنه أيضا فرح زكا الذى استولى على قلبه فضحى بجهد عمره وموضوع فرحه القديم

" فأسرع و نزل و قبله فرحا " (لوقا 19 : 6)

+ وهذه الآلام تقودنا أيضا إلى حياة الفضيلة والطهارة

" فإن من تألم فى الجسد كف عن الخطية " (1 بط 4: 1)

وهكذا الحياة المسيحية سلسلة مترابطة الحلقات تؤازر بعضها بعضا، والمسيحيون أعضاء مترابطة يؤازرون بعضهم بعضا.

سادسا ـ حياة النصرة :

ولعل من أعظم المشجعات على احتمال الألم، التمتع بحياة النصرة الروحية.

فمن المستحيل أن نقرأ العهد الجديد دون أن نتأثر بجو الثقة الجذلانة التى تتخلله. فالمسيحيون الأولون لم يعرفوا الانهزامية لكنهم بالأحرى تحدثوا عن النصر :

" و لكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح " (1كو 15: 57 ) و " و لكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا " ( رو 8 : 37 ) و " و لكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين و يظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان " ( 2 كو 2: 14 )

ورسائل السيد المسيح فى الرؤيا التى تنتهى بوعد خاص " من يغلب "

فالنصر والإخضاع والغلبة هى مجموعة مفردات الذين تبعوا السيد.

وهم إذا تحدثوا عن النصر فلأنهم يعلمون أنهم مدينون به للرب الغالب. ويعلمون كيف تمم الرب هذا الانتصار، والثمن الذى دفعه فيه، والفرق بين الظاهر والحقيقة، فلقد فعل الرب ذلك بالصليب :

"إذ جرد الرياسات و السلاطين أشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه " ( كو 2: 15 )

+ مع أن أى ملاحظ عاصر المسيح، وشاهده وهو يموت، كان سيشك فى هذه النصرة. ألم يرفض من قبل شعبه، ويسلم وينكر ويترك من تلاميذه، ويقتل بسلطة الحاكم الرومانى ؟ أنظر إليه ممددا على الصليب باسطا ذراعيه ورجليه، مجردا من أى حرية فى التحرك، معلقا بمسامير مثبتا واهنا. يبدو الأمر هزيمة تامة. وإن كان هناك نصر فهو انتصار الكبرياء والإجحاف والغيرة والبغضاء والحسد والجبن والقسوة.

ومع ذلك فالحقيقة أنه كان هو الغالب، وإذا سحق بواسطة قوة روما فقد كان هو الذى يسحق رأس الحية (تك 3: 15). الضحية انتصر، وما زال يحكم العالم من عرشه الذى هو الصليب.

انتصار الرب :

هناك موقفين متعارضين يسر بهما الشيطان، الانهماك المفرط به. والشكوكية المفرطة بشأن وجوده الفعلى.

فالكتاب يظهر لنا الشيطان وقوته :

" فان مصارعتنا ليست مع دم و لحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات (أف 6 : 12)

ولكن الكتاب أيضا يظهر لنا أن السيد انتصر على الشيطان ولقد تم كشف هذه النصرة على 6 مراحل :

1 ـ التنبؤ عن الانتصار على الشيطان : مثل تك 3: 15 ، أش 9 : 6، 7.

2 ـ فى خدمة الرب حيث الشياطين تطرد والمرضى يشفون والطبيعة المضطربة تقر بسلطانه...الخ.

3 ـ المرحلة الثالثة والحاسمة عند الصليب :

" مسامحا لكم بجميع الخطايا. إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا و قد رفعه من الوسط مسمرا إياه بالصليب. إذ جرد الرياسات و السلاطين أشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه " ( كو 2: 13 ـ 15 )

4 ـ القيامة حيث تأكيد الانتصار وإعلانه.

5 ـ انتشار المسيحية رغم الاضطهاد والعنت الهائل.

6 ـ سيكتمل عند مجيء المسيح الثانى. حيث يطرح إبليس فى بحيرة النار، حيث ينضم إليه الموت والهاوية.

الدخول إلى انتصار المسيح :

الحياة فى المسيحية صراع. وانتصار المسيحى فى هذا الصراع يقوم على دخوله إلى انتصار المسيح والتمتع بمنافعه. فمع أن الشيطان هزم لكنه لم يسلم بعد بالهزيمة، ولا زال يستخدم قوة عظيمة لا أمل لنا فى الوقوف ضدها ما لم نتقوى بقوة المسيح ونتقلد سلاحه.

ولذلك يقول بولس الرسول :

" من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير و بعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا " (أف 6: 14) و " لنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا (عب 12 : 1)

+ وسفر الرؤيا الذى هو سفر النصرة يبين لنا أن الصراع بين الكنيسة والعالم هو التعبير عن الصراع الغير منظور بين المسيح والشيطان.

وفى ضوء هذه الحقيقة ينبغى أن نواجه نشاط الشيطان الماكر المستمر، سواء بدنيا ( بالاضطهاد ) أو فكريا ( بالخداع ) أو أخلاقيا ( بالإفساد ).