Search

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الخميس من الأسبوع السادس من الصوم الكبير

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الخميس من الأسبوع السادس من الصوم الكبير

تتضمن الحث على الإيمان والأعمال .

مرتبه على قوله تعالى بفصل الانجيل :

" الحق الحق أقول لكم من يؤمن بى فله حيوة أبدية "

( يو 6 : 47 - 71 )

     إذا كان عالمنا هذا بمنزلة أوان الزراعة ومدينة المتاجر والأرباح وسفينة المسافرين فكيف ولا نكون ملتفتين لمواعيدنا . مهتمين بودائعنا . محافظين على فوائد الفضيلة ؟

     وإذا كان الشرط فى دخولنا ملكوت هو أن يزيد برنا على الكتبة والفريسيين . وأن نعلم الناس بالأقوال والأعمال . وأن نكون محبين لأخوتنا . وادين لأعدائنا . مسارعين إلى طلب الصلح والسلام . مجملين ذواتنا بالكمال . فكيف نكون الآن كسالى متهاونين ونحن نعلم أنه ينبغى لنا بل يجب علينا أن نكون معلمين محبين لإخواتنا متزايدين فى الفضيلة على غيرنا . مجاهدين فى تحصيل الكمال المسيحى . ونعلم مع ذلك أن لنا أعداء يلتمسون قهرنا ويجتهدون فى سقوطنا . فلننبه عقولنا من غفلة الكسل ونصرف أنفسنا عن الإنهماك بالشهوات الجسدية . لئلا يجد عدونا سبيلا إلى قهرنا .

     وإذا كان عدونا لا ينام . والمبغض لجنسنا لا يغفل . فلماذا لا نعد أسلحتنا ونشيد أسوار مدينتنا ونقيم عليها الحراس والطلائع والمجاهدين لئلا يهجم علينا بغتة ونحن فى غفلة إهمالنا . فيجعلنا أضحوكة للناظرين وعارا أمام أولئك المجاهدين . الذين يأخذون إكليل المجد . ويفوزون بالخلود فى النعيم . ونحن نطرد بسبب تهاوننا واهمالنا .

     وإذا كانت المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة كما يقول الرسول فينبغى لنا أن نهرب دائما من معاشرة الأشرار والسكيرين والمستهزئين وأمثالهم . لان الإختلاط بهم وسماع كلامهم يجذب السليمى القلوب إلى التخلق بأخلاقهم .

     وكما أن الذين يجالسون باعة المسك والطيوب العبقة يكتسبون الروائح الذكية . هكذا ينبغى لنا أن نلازم الحكماء والمعلمين وأرباب الفضيلة لنقتدى بمثالهم فى الصالحات .

     ويا للعجب فان الفضيلة حسنة عند جميع الناس . والرذيلة قبيحة عند الذين يفعلونها أيضا ! فإنك ترى السكير إذا رأى فى صحوة رجلا سكرانا فانه يستهزئ به ويضحك عليه ويستنقص عقله . فأنظر إلى صاحب الرذيلة كيف يستقبحها مع ممارسته لها لان الله وضع فى طبائع البشر حاكما عادلا لا يحابى ولا ينظر إلى الوجوه . وهو العقل الفاصل بين الفضيلة والرذيلة ليبين جمال هذه وقباحة تلك . فيكون الإنسان بلا عذر ولا حجة عندما يدان فى اليوم الاخير .

     وإذا كان ربنا له المجد قد وضع قانونا سهلا يسيرا لخلاصنا . وهو أن نحسن إلى المسيئ ونصفح عن المخطئ وهو تعالى يصفح عن زلاتنا . فماذا يكون عذرنا إذا لم نعمل بمثل ذلك ؟ ألا نسمع قوله تعالى : " فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك . فأترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصطلح مع اخيك . وحينئذ تعال وقدم قربانك " ( مت 5 : 23 : 36 ) .

     فإذا كانت القرابين وكذلك الصلاة والصوم وبقية الفضائل لا تقبل مع الحقد . وان كان المغضب لاخيه باطل والقائل فيه قولا رديا سيكون نصيبه العذاب فى الجحيم . فكيف تكون عقوبة الذين يسيئون إلى اخواتهم . الظالمين لهم . السالبين أموالهم . التاركين الإهتمام بمصالحهم ؟

     فسبيلنا أذن أن نكون متيقظين لانفسنا ملتفتين إلى أقوال ربنا . الذى له المجد إلى الأبد . أمين .