Search

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الثلاثاء من الاسبوع الثالث من الصوم الكبير

تقرأ بعد انجيل قداس يوم الثلاثاء من الاسبوع الثالث من الصوم الكبير

تتضمن النهى على التمسك بشرف الجنس وذم حب المال .

مرتبه على قوله تعالى لليهود آمنوا :

" إنكم إن ثبتم فى كلامى فبالحقيقة تكونون تلاميذى .

وتعرفون الحق والحق يحرركم . إجابوه إننا ذرية إبراهيم ولم

نستعبد لأحد قط .. فقال لهم لو كنتم أولاد ابراهيم لكنتم تعملون أعمال ابراهيم "

( يو 8 : 314 – 39 )

     ما بالك تتباهى بحسبك ونسبك والرسول بولس يقول : " ليس جميع الذين من اسرائيل هم اسرائيليون . ولا لأنهم من نسل ابراهيم هم جميعا أولاد . بل بإسحق يدعى لك نسل . أى ليس أولاد الجسد هم أولاد الله بل أولاد الموعد يحسبون نسلا " ( رو 9 : 6 – 8 ) . وقال سيدنا له المجد للذين قالوا له : " إننا ذرية ابراهيم ولم نستعبد لأحد " " لو كنتم أولاد ابراهيم لكنتم تعملون أعمال ابراهيم " . وقد قال يوحنا المعمدان للآتين إلى معموديته : " لا تفتكروا أن تقولوا فى أنفسكم لنا ابراهيم أبا . لأنى اقول لكم ان الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم " ( مت 3 : 9 ) . وماذا استفاد بنو صموئيل النبى من شرف أبيهم إذا لم يرثوا فضيلته ؟ ( 1 صم 8 : 1 – 5 ) . وماذا ربح بنو موسى النبى عندما لم يماثلوه فى تهذيبهم ؟ ألم تنتقل رئاستهم إلى غيرهم ؟ ( تث 31 : 14 و 23 ) وما الذى ضر تيموثاوس من كون ابيه كان وثنيا من أهل غلاطية ؟ ( أع 16 : 1 – 3 ) وما الذى استفاده حام بن نوح من فضيلة أبيه إذ صار عبدا بدلا من حر ؟ ( تك 9 : 20 – 27 ) . ألم تقهر رذيلة اختياره شريعة طبيعته ؟ . وعيسو كانت له التقدمة فى الولادة على يعقوب بالطبع وأجتهد ابوه أن يقدمه ويباركه واجتهد هو أيضا فى تحصيل بركات أبيه ولكن لانه كان شريرا ولم يكن الله معه فلم ينفعه شئ من ذلك جميعه ولا منع أخاه من تحصيل التقدمة والبركة . بل أخر الإختيار من قدمه الطبع . وقدم من أخره ( تك 27 : 1 – 40 ) .

     وما بالى أذكر الحسب الإنسانى وقد كان اليهود أبناء الله ولم يربحوا إذا لم يكن اختيارهم وعملهم نحو إرادة ابيهم . وهكذا نحن وإن كنا بنى الله . فإن لم نثبت بالعمل شرف هذا الحسب ستنحسر . وهذا المعنى موجود فى العهد الجديد أيضا لأنه قال : " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون بإسمه " ( يو 1 : 12 ) . وقال الرسول : " ها أنا بولس أقول لكم إنه ان اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا .. " ( غل 5 : 2 – 6 ) .

     فإذا كان المسيح لا ينفع الذين لا يريدون أن يتيقظوا لنفوسهم . فكيف ينفعم إنسان ؟ .

     فلا يفتخرن أحد بجنسه ولا بثروته أيضا . بل ينبغى لنا أن نهرب من هذا الغنى الذى لأجله صار ذلك الغنى فقيرا . حتى أنه لم يحصل على قطرة ماء مع كثرة تضرعه فى طلبها . وأن نتهاون بهذا الفقر الذى لا نعدم فيه شربة ماء . لأنه لو أن ملكا أرضيا قال لنا : لا يدخل غنى إلى قصرى ولا يكرم فى مملكتى . واننى سأرفع من كان مسكينا وأعظمه ؟ أفما كنا نطرح كل اموالنا عنا ؟ وإذا كان ملك السموات قد اشاع فى المسكونة بكمالها أنه يعسر دخول الغنى المتكل على امواله إلى ملكوت السموات . وكيف لا يعسر عليه الدخول وهو يماثل فلاحا غبيا اعطاه سيده بذورا وأمره ان يزرعها فى اراضيه . فلما حصل عليها اغتبط بها وخبأها إلى ان فسدت . فضيع راس المال وفاتته الفوائد .

     وإن قلتم إننا نخزن غلاتنا لأوقات المجاعات الشديدة . فأقول لكم أن البعض اذا اضطرهم الجوع وعرفوا المخزون عندك فقد يحاربونك أشد محاربة لنهبها ؟ الم تروا كثيرين من أجل اموالهم قد قتلوا . بعضهم فى البر وبعضهم فى البحر . وبعضهم فى المدن سرا وجهرا . لقد صارت الكنائس من أجل الاموال محشوة من شناعات المباهاة . والمنازل مملؤة من المنافسات والمخاصمات . والطرق والأسواق مضطربة من المضاربات والمقاتلات . والمحاكم مزدحمة بالقضايا والمشاجرات اذن يجب أن نهرب من محبة المال بمحبة ملكوت السموات . وأن نبتعد من التعبد للمال بأن نصير أولادا للمسيح . وكيف لا نثابر على هذا والمسيح يهتم دائما بطلب من يهرب منه . فكيف لا يهتم بمن يهرب اليه ؟ والمال عادة يهرب ممن يتكالب على طلبه . وكثيرا ما يكثر عند من يتهاون به .

     فما بالنا نستعبد نفسنا الناطقة الخالدة لمادة مائتة فاسدة . وهى المال أصل كل الشرور . وأها من ضحك المال علينا فإننا نحاربه بأقوالنا ولكنه هو يحاربنا بأفعاله حتى يحرمنا من الدخول إلى ملكوت السماء . بل وأها من حبنا له الذى يفعل ذلك جميعه فى الحقيقة . لأن المال جسم مائت لا يحتال ولا يغتال . فياويحنا . إن كنا لا نقهر جمادا فكيف نغلب القوى المضادة التى لا أجسام لها ؟ وان كنا لا نتهاون بحجارة . فكيف نتهاون بالشهوات الطبيعية ؟ وإذا كنا نتلهف على رؤية الدينار والدرهم . فكيف لا نشغف بالنظر إلى الوجوه الإنسانية ؟ فيالهذا الإستظهار الذى استظهره عليكم هذا الداء حتى صرتم تقولون إن رؤية الذهب تنفع البصر . وسماع صوته يقوى القلب . لكنى أقول إنه لا شئ يضر بصائرنا مثل حب المال . هذا الذى عندما تعبد له يهوذا لم يتركه يسمع صوت سيده الحقيقى بل أطاع الشيطان وخنق نفسه . فالشق من وسطه ومضى إلى جهنم .

     فسبيلنا ايها الأحباء أن نهرب من الافتخار بالحسب والنسب ومحبة المال حتى نعيش هنا متمتعين بسلام الله الكامل ونحظى هناك بالذخائر المعدة والمأمولة بنعمة ربنا . الذى له المجد إلى الابد . آمين .