Search

عظة تقرأ بعد انجيل قداس يوم الخميس من الاسبوع الاول من الصوم الكبير

عظة تقرأ بعد انجيل قداس يوم الخميس من الاسبوع الاول من الصوم الكبير

تتضمن حث الكهنة على الوعظ والتعليم

مرتبه على قوله تعالى بفصل الإنجيل :

" هل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير . أليس ليوضع على المنارة "

( مر 4 : 21 – 29 )

     إذا كان الكهنة هم الوكلاء على المؤمنين . والرعاة للأغنام الناطقة . والحافظون لنظام الشريعة المقدسة . والمقلدون مراتب الرعاية . فما بالهم يتغافلون عن الوكالة ويتشاغلون عنها ؟

     ويا للعجب من كون الذين يتقلدون الوكالة من الناس . تراهم مشمرين عن ساعد الجد . متيقظين لصالح وكالتهم . باذلين الجهد فى نمو الأموال واتساع المتاجر ووفرة الزراعات متخوفين من مصيبة تدهمهم وخسارة تلحقهم .

     وأنت يا وكيل الخراف الناطقة . يا أمين المتاجر الروحية . لماذا توجد هكذا نائما ومهملا !!! فلا تبالى أيها الكسلان بقوله تعالى : " أعط حساب وكالتك لأنك لا تقدر أن تكون وكيلا بع " ( لو 16 : 2 ) . وكيف لا تفزع من سطوته حينما تظهر مضيعا للأموال مفرطا فى قطيعه تعالى غير متحفظ على الوزنات ؟ وكيف لا تهرب من غضبه عندما يقول لأولئك القساوة : " أربطوا رجليه ويديه وخذوه واطرحوه فى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان " ( مت 22 : 13 ) .

     ألم تسمع قول الكتاب عن يعقوب اسرائيل لما قبل الوكالة على غنم لابان خاله كيف أنه اختار النظر فى صالحها عن راحة نفسه . فهجر لذيذ المآكل ، وفارق حلاوة المنام ، وجعل السهر له عادة وطبعا . حتى أعادها إلى خاله متكاثرة العدد . حسنة الاشكال . جميلة المنظر ( تك 29 : 1 – 29 و 30 : 25 – 36 ) .

     وإذا كان يعقوب راعى الغنم الحيوانية قد أجهد نفسه هكذا وأتعب حياته فى رعاية تلك القطعان حتى آل به الإجتهاد فى حفظها والتشوق إلى نموها وكثرتها لمكابدة الأتعاب الجمة والشقاء المتكاثر . مع احتمال حر الصيف وبرد الشتاء . وملاقاة اللصوص ومكافحة الوحوش الضارية . والاعتناء بجبر الكسير ومعالجة الجربان . ونقل الاغنام إلى الأماكن المخصبة والمياة الصافية . ومكابدة شدائد هذا عظم مقدارها . مع أن صاحب الأغنام ليس بملك . ولا صاحب نقمة . بل هو لابان خاله . الكافر العابد للأوثان ( تك 31 ) .

     فأى عذر إذن يقدمه المتقلدون لرعاية قطيع المسيح . أولئك الذين يهملون خرافهم ولا يعتنون بمصالح الرعية . بل يتركونها عرضة لافتراس الذئاب الخاطفة والوحوش الضارية . للضيعان والتيهان . للنهب والسلب ؟ مع أن مالكها ليس هو راعيا مثل لابان . ولا هو كأحد المائتين . ورعيته ليست كالرعية البهيمية المشتراه بالثمن . بل هو ملك الملوك ورب الأرباب ورعيته قطعان ناطقة اشتراها المسيح بدمه الكريم .

     اسمع قول الله تعالى مبكتا أولئك الساقطين حيث يقول على لسان حزقيال النبى : " ويل لرعاة اسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم . ألا يرعى الرعاة الغنم . تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم . المريض لم تقووه . والمجروح لم تعصبوه . والمكسور لم تجبروه . والمطرود لم تستردوه . والضال لم تطلبوه . بل بشدة وبعنف تسلتطم عليهم . فتشتت بلا راع وصارت مأكلا لجميع وحوش الحقل . ضلت غنمى فى كل الجبال وعلى كل تل عال . وعلى الأرض تشتتت غنمى ولم يكن من يسأل أو يفتش . فلذلك أيها الرعاة أسمعوا كلام الرب حى أنا يقول السيد الرب من حيث إن غنمى صارت غنيمة ومأكلا لكل وحوش الحقل إذ لم يكن راع ولا سأل رعاتى من غنمى ورعى الرعاة أنفسهم ولم يرعوا غنمى . فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب . هأنذا على الرعاة وأطلب غنمى من يدهم واكفهم عن رعى الغنم ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعد فأخلص غنمى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلا .. هأنذا أسال عن غنمى وأخلصها من جميع الأماكن التى تشتت اليها فى يوم الغيم والضباب . واخرجها من الشعوب واجمعها من الأراضى وآتى بها إلى أرضها وأرعاها على جبال اسرائيل وفى الأودية وفى جميع مساكن الأرض " ( حز 34 : 1 – 16 ) .

     واسمع قوله تعالى ايضاً إلى الرعية : " وأنتم يا غنمى ... هأنذا أحكم بين شاة وشاة بين كباش وتيوس . أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعى الجيد وبقية مراعيكم تدوسونها بأرجلكم وان تشربوا من المياة العميقة والبقية تكدرونها بأقدامكم . وغنمى ترعى من دوس اقدامكم وتشرب من كدر أرجلكم ... هأنذا أحكم بين الشاة السمينة والشاة المهزولة . لأنكم بهزتم ( أى دفعتم بعنف ) بالجنب والكتف ونطحتم المريضة بقرونكم حتى شتتموها إلى خارج . فأخلص غنمى فلا تكون من بعد غنيمة وأحكم بين شاة وشاة وأقيم عليها راعياً واحداً " ( حز 34 :1 17 – 23 ) .

     فسبيلنا أيها الأحباء بعد الذى سمعناه من شدة وعيد الله للمهملين أن لا ننسى قوله أيضاً له المجد . أنتم نور العالم .. فليضئ نوركم .. " ( مت 5 : 4 و 16 ) وهل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير أليس ليوضع على المنارة " ( مر 4 : 21 ) وان نتنبه من غفلتنا . ونتيقظ من نومنا . ونحافظ على صالح وكالتنا . لنفوز بمديح ربنا الذى له المجد إلى الابد آمين .